تنفيذ اتفاقية منظمة التجارة العالمية لتيسير التجارة في مصر: التحديات والفرص

May 31 / Shahinaz Kotb Mustafa
Empty space, drag to resize
Empty space, drag to resize
تطمح مصر أن تصبح مركزا اقليميا للتجارة و أن تكون من بين أكبر 30 دولة من حيث حجم الاقتصاد قياساً بإجمالي الناتج المحلي بحلول 2030 و ذلك وفقا لرؤية مصر 2030. ومنذ انضمامها لاتفاقية تيسير التجارة فى عام 2019 قامت مصر بتبنى العديد من تدابير الاتفاقية على الرغم مما تمثله من أعباء على سبيل المثال: النافذة الواحدة، و المعالجة قبل الوصول و السداد الالكترونى و توفير تدابير ميسرة للمشغلين المعتمدينو ادارة المخاطر. و ذلك بهدف توفير بيئة داعمة للتجارة. وأدت هذه الاصلاحات إلى جانب العديد من المبادرات الحكومية وبرامج التمويل لتعزيز قدرة القطاعات الصناعية وتوقيع عدد من الاتفاقيات التجارية لتعزيز تواجد المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية إلى زيادة معدل الصادرات المصرية فى عام 2022 ليصل إلى 19.7% وفقا لقاعدة بيانات الأونكتاد.

ومع ذلك فإنه بدراسة المؤشرات الدولية ومنها على سبيل المثال مؤشر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لتيسير التجارة نجد أن هناك مجالات كثيرة للتحسن.  يقيس هذا المؤشر أداء 163 دولة فى تنفيذ تدابير تيسير التجارة. وبالرجوع لقاعدة بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية   لعام 2022 نجد أن متوسط أداء مصر فى مؤشر تيسير التجارة (1.2) مقارنة بأفضل أداء والذي يتمثل في (1.75). و يوضح التعليق الخاص بمصر أن مصر تقترب من أفضل أداء عبر فى عدد من المجالات وهى الشراكة مع مجتمع التجارة و اجراءات التظلم و التعاون بين الجهات الحدودية. كما يذكر التعليق أن مصر أحرزت تحسنا كبيرا منذ 2019 فى مجال توافر المعلومات و الرسوم و التكاليف والميكنة.

وبالرجوع لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لمتابعة اصلاحات تيسير التجارة في عام 2023 الذي رصد أهم الاصلاحات على مستوى كل اقليم خلال الفترة من 2022-2020 نجد غياب مصر عن قائمة العشر دول ذات الاصلاحات الأبرز فى مؤشرات تيسير التجارة فى اقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا. ويشير مؤشر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لتيسير التجارة إلى أن أول مجالات التحسن التى يمكن العمل عليها هي توافر المعلومات.

وتشير هذه البيانات إلى وجود بعض التحديات التي تواجهه مصر في سعيها لتحقيق طموحها.
ولعل أبرز هذه التحديات التطبيق الكامل للمواد المرتبطة بركيزة الشفافية. حيث نجد ثبات درجة تقييم مصر فى المؤشر الفرعى " كفاءة عمليات التخليص"  فى مؤشر الأداء اللوجستى لعام 2023  وهو المؤشر المرتبط بسرعة وبساطة والقدرة على التنبؤ بالإجراءات حيث ظل التقييم فى عامى 2018 و 2023 (2.8).

و فى سبيل التغلب على هذه التحديات تم اعداد استراتيجية وطنية لتيسير التجارة. وقد راعت هذه الاستراتيجية  كل أولويات الحكومة المصرية لتوفير بيئة داعمة لتيسير التجارة وذلك بعد حصر موقف مصر فى عدد من المؤشرات الدولية. وتمثل هذه الاستراتيجية فرصة كبيرة لادارة أداء الحكومة المصرية فيما يتعلق بتطبيق ركائز تيسير التجارة من خلال تبنى منهجية التخطيط الاستراتيجى المعتمدة على تحديد  المهام والمسئوليات و آليات القياس. كما أن لدى مصر فرصة أخرى لنشر المعلومات المرتبطة بالتجارة من خلال التعاون القائم بين مركز التجارة الدولي ووزارة التجارة والصناعة ومصلحة الجمارك لإنشاء مرصد التجارة الأفريقي. ومن خلال هذا المرصد سيمكن توفير بيانات التجارة لتغذية منصات المعلومات الإليكترونية حتى تعكس الصورة الصحيحة لحركة التجارة البينية المصرية مع الدول الافريقية ولحركة التجارة الافريقية الأوروبية.

يمثل غياب المعلومات قيدا أمام مجتمع التجارة ويحول دون قدرته على المشاركة بفاعلية فى سلاسل القيمة، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي غالبا ما تحجم عن المشاركة فى سلاسل القيمة درءا للتكلفة المرتبطة بعمليات الاستيراد والتصدير. فبدون القدرة على  الوصول للمعلومات الصحيحة و فى التوقيتات المناسبة لا يمكن لأصحاب الأعمال التخطيط الجيد لعملياتهم التجارية مما يؤثر سلبا على قدراتهم التنافسية و قدراتهم على التبنؤ.  و يؤدى عدم وجود معلومات واضحة عن متطلبات العملية التجارية إلى تعذر اتباع المتعاملين للخطوات الاجرائية الصحيحة للعملية التجارية مما يؤدى إلى زيادة زمن وتكلفة العملية التجارية.
وأخيرا، فى ظل غياب المعلومات لا يمكن الوصول لمفهوم الالتزام الطوعى، نظرا لغياب الفهم الواضح لمتطلبات الجهات المعنية بالعملية التجارية مما يترتب عليه ارتكاب المتعامل للعديد من الأخطاء بما يعرضه أيضا لتحمل غرامات أو عقوبات يمكن تلافيها من خلال توضيح المعلومات الكافية عن متطلبات كل جهة من الجهات الحدودية.


و على الرغم من اتاحة النافذة الواحدة الوطنية " نافذة "  لبعض المعلومات المرتبطة بالمتطلبات التنظيمية إلا أن هناك العديد من المعلومات المرتبطة بالجهات الحدودية لا يمكن الوصول إليها عبر النافذة الواحدة. كما أن التفاوت فى مستويات وسهولة الوصول إلى المعلومات من خلال المواقع الإليكترونية الخاصة بالجهات الشريكة فى العملية التجارية لا يسهم فى دعم توفير كافة المعلومات فى التوقيتات المناسبة  لاحتياجات العملاء. و فى سبيل ذلك يتم العمل على انشاء بوابة للمعلومات التجارية تلبى احتياجات وتوقعات العملاء فى مجال التجارة.

و لدى مصر العديد من الفرص التى يمكن استغلالها خلال الفترة الحالية للوصول للتطبيق الكامل لمواد الشفافية نذكر منها:

     - دعم الارادة السياسية

     - وجود تعاون قائم بين الجهات التنظيمية المعنية بالعملية التجارية.
     - توافر شراكة حقيقية بين مجتمع التجارة و الجهات الشريكة في العملية التجارية تدعم.              عمليات التشاور بين الجانبين عند تطبيق التشريعات الجديدة.
     - توافر المساعدة الفنية للجهات الشريكة في العملية التجارية لدعم تطبيق مواد الاتفاقية.

وقد أدت كل هذه العوامل إلى صياغة استراتيجية وطنية لتيسير التجارة تهدف إلى خفض تكاليف وزمن وتعقيد العملية التجارية من خلال سبع أهداف استراتيجية يستهدف كل هدف منها تطبيق أحد ركائز اتفاقية تيسير التجارة. وفيما يتعلق بركيزة الشفافية, تم وضع هدف استراتيجي في هذه الاستراتيجية "توفير البيانات والإجراءات الخاصة بالمعاملة التجارية" وذلك من خلال تبني عدة أنشطة وهي:

     - انشاء منصة واحدة لجميع معلومات الاستيراد والتصدير والعبور(المادة 1.2 من                   الاتفاقية).
     - تبسيط اجراءات التظلم (المادة 4 من الاتفاقية).
     - انشاء نقطة استفسار (المادة 1.3 من الاتفاقية).
     - تفعيل خدمة الأحكام المسبقة (المادة 3 من الاتفاقية).

وعلى صعيد موازى لهذه الجهود تم توقيع مذكرة تفاهم بين كل من مركز التجارة الدولي ومصلحة الجمارك ووزارة التجارة والصناعة بهدف تنفيذ نظام التبادل الآلي للمعلومات ذات الصلة بالتجارة مع ضمان ان تتسم هذه البيانات التجارية بالدقة والجودة. وذلك على اعتبار أن مركز التجارة الدولي هو وكالة مشتركة بين منظمة التجارة العالمية والأمم المنحدة وهو أحد الشركاء التقنيين في هذه المبادرة. ويعتمد هذا المرصد على رصد حركة التجارة الأفريقية مع أوروبا وكذلك حركة التجارة الأفريقية البينية وبناء قواعد بيانات ومعلومات متكاملة عن مسارات التجارة التي نخدم القطاع الخاص. كما سيصبح هذا المرصد أداة داعمة لصناعي السياسات في تطوير إستراتيجيات التجارة. 

وحيث أن التحدي ما هو إلا فرصة للتطور واحراز التقدم, فإن اسغلال فرص مثل وجود استراتيجية واضحة محددة الأهداف والمخرجات يمكن للجنة الوطنية لتيسير التجارة متابعة تنفيذ كل المواد الاتفاقية بوجه عام وعلى وجه التحديد المواد المرتبطة بالشفافبة وفقا لمتطلبات تطبيق كل مادة. كما سيتمكن أعضاء اللجنة الوطنية من مناقشة كل التفاصيل المرتبطة بتنفيذ هذه المواد مع بعضهم البعض وأيضا مع ممثلي المجتمع التجاري مما يؤدي الى تلبية المتطلبات الفعلية لمجتمع التجارة وتعزيز مبدأ الشفافية في التعامل ببيئة الأعمال التجارية. كما أن فرصة وجود أداة مثل مرصد التجارة الأفريقي ستسمح بالتغلب على التحدي المتمثل في غياب المعلومات الدقيقة عن حركة التجارة المصرية والافريقية بوجه عام.

وفي الختام, تتضمن أجندة الاصلاحات التطبيق الكامل للمواد (1.2) المتعلقة بنشر المعلومات عبر الانترنت حيث نسبة تنفيذ المادة (1.2) من اتفاقية تيسير التجارة (20%) وسيتم العمل في تنفيذ هذه أخذا في الاعتبار الممارسات الدولية لعدد من الدول العربية والاقليمية مثل بوابة التجارة المغربية ومنصة أبو ظبي للتجارة ومنصة التجارة النيجيرية.     


Empty space, drag to resize

  شاهيناز قطب مصطفى 

شاهيناز قطب مصطفى ، مدير عام تخطيط الموارد البشرية بمصلحة الجمارك المصرية . التحقت بالعمل في مصلحة الجمارك في 2002 وتم تعيينها في الأمانة الفنية لوحدة التطوير والاصلاح الجمركي - والتي تم انشاؤها لإدارة والتنسيق بين الجهات المانحة لتحسين أداء الجمارك المصرية فى هذه الفترة مما أتاح لى اكتساب خبرات كبيرة من خلال العمل مع عدة جهات مانحة وهي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الاتحاد الأوروبي وذلك حتى 2009.

فى عام 2013 شغلت منصب مدير عام تطبيقات الممارسات الدولية بقطاع التخطيط الاستراتيجى و المبادرات. وفى عام 2021 شغلت منصب مساعد الخبير الفنى المصرى بمشروع التوأمة مع الجمارك الايطالية، كما قمت بالمشاركة مع فريق مشروع مجموعة مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي في مشروع تحسين وصول مصر للأسواق العالمية والاقليمية، حيث كانت أحد أعضاء فريق عمل دراسة زمن الافراج الأولى للجمارك المصرية للصادرات والواردات.

Disclaimer: These articles are contributions from members of the National Trade Facilitation Committees in the framework of UNCTAD e-Learning for Trade Facilitation. The articles may contain advice, opinions and statements of various information providers. The United Nations does not represent or endorse the accuracy or reliability of any advice, opinion, statement or other information provided by any information provider, any User of this Site or any other person or entity. Reliance upon any such advice, opinion, statement, or other information shall also be at the User's own risk. Neither the United Nations nor its affiliates, nor any of their respective agents, employees, information providers or content providers, shall be liable to any User or anyone else for any inaccuracy, error, omission, interruption, deletion, defect, alteration of or use of any content herein, or for its timeliness or completeness, nor shall they be liable for any failure of performance, computer virus or communication line failure, regardless of cause, or for any damages resulting therefrom.